فصل: السنة الأولى من ولاية العزيز نزار العبيدي على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الأولى من ولاية العزيز نزار العبيدي على مصر

وهي سنة ست وستين وثلاثمائة‏.‏

وفيها جاء أبو بكر محمد بن علي بن شاهويه صاحب القرامطة ومعه ألف رجل من القرامطة إلى الكوفة وأقام الدعوة بها لعضد الدولة وأسقط خطبة عز الدولة بختيار‏.‏

وكان قدومه معونة لعضد الدولة‏.‏

وفيها عمل في الديار المصرية المأتم في يوم عاشوراء على الحسين بن علي رضي الله عنهما وهو أول ما صنع ذلك بديار مصر‏.‏

فدامت هذه السنة القبيحة سنين إلى أن انقرضت دولتهم على ما سيأتي ذكره‏.‏

وفيها كانت وقعة بين عز الدولة بن معز الدولة أحمد وبين ابن عمه عضد الدولة بن ركن الدولة الحسن بن بويه وقعة هائلة أسر فيها غلام تركي لعز الدولة فاشتد حزنه عليه وامتنع عز الدولة من الأكل والشرب وأخذ في البكاء واحتجب عن الناس وحرم على نفسه الجلوس في الدست وبذل لعضد الدولة في الغلام المذكور جاريتين عوادتين كان قد بذل له في الواحدة مائة ألف درهم فرده عضد الدولة عليه‏.‏

وفيها حج بالناس أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين العلوي‏.‏

وحجت في السنة جميلة بنت ناصر الدولة بن حمدان ومعها أخواها إبراهيم وهبة الله حجةً ضرب بها المثل وفرقت أموالًا عظيمة منها أنها لما رأت الكعبة نثرت عليها عشرة آلاف دينار وسقت جميع أهل الموسم السويق بالسكر والثلج‏.‏

كذا قال أبو منصور الثعالبي‏.‏

وقتل أخوها هبة الله في الطريق‏.‏

وأعتقت ثلاثمائة عبد ومائتي جارية وفرقت المال في المجاورين حتى أغنتهم وخلعت على كبار الناس خمسين ألف ثوب‏.‏

وكان معها أربعمائة عمارية‏.‏

ثم ضرب الدهر ضربانه واستولى عضد الدولة بن بويه على أموالها وحصونها فإنه كان خطبها فامتنعت ولم يدع لها شيئًا إلى أن احتاجت وافتقرت‏.‏

فانظر إلى هذا الدهر كيف يرفع ويضع‏.‏

وفيها توفي المستنصر بالله صاحب الأندلس أبو العاصي الحكم بن الناصر لدين الله عبد الرحمن الأموي‏.‏

بقي في الملك ستة عشر عامًا وعاش ثلاثًا وستين سنة‏.‏

وكان حسن السيرة جمع من الكتب ما لا يعد ولا يوصف‏.‏

وفيها توفي السلطان ركن الدولة أبو علي الحسن بن بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهي بن شيرزيل الأصغر بن شيركوه بن شيرزيل الأكبر الديلمي صاحب أصبهان والري وهمذان وعراق العجم كله‏.‏

وهؤلاء الملوك الثلاثة‏:‏ عضد الدولة وفخر الدولة ومؤيد الدولة أولاده‏.‏

وكان ملكًا جليلًا سعيدًا في أولاده قسم عليهم الممالك فقاموا بها أحسن قيام‏.‏

وملك ركن الدولة أربعًا وأربعين سنة وأشهرًا‏.‏

وكان أبو الفضل بن العميد وزيره والصاحب إسماعيل بن عباد كان وزير ولديه مؤيد الدولة ثم فخر الدولة‏.‏

ومات ركن الدولة المذكور في المحرم‏.‏

وبويه‏:‏ بضم الباء الموحدة وفتح الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها هاء ساكنة وفناخسرو‏:‏ بفتح الفاء وتشديد النون وبعد الألف خاء معجمة مضمومة ثم سين مهملة ساكنة ثم راء مضمومة وبعدها واو‏.‏

وقد ضبطته لكي يعرف بعد ذلك اسم من يأتي من أولاده في هذا الكتاب‏.‏

وفيها توفي إسماعيل الشيخ أبو عمر السلمي‏.‏

كان من كبار المشايخ وله قدم صدق وحكايات مشهورة رحمه الله‏.‏

وفيها توفي الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام أبو علي وقيل‏:‏ أبو محمد القرمطي الجنابي الخارجي‏.‏

ولد بالأحساء في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين ومائتين وغلب على الشام لما قتل جعفر بن فلاح وتوجه إلى مصر لقتال المعز العبيدي كما ذكرناه في ترجمة المعز ثم مات بالرملة في عوده إلى دمشق في شهر رجب‏.‏

وجده أبو سعيد هو أول القرامطة وقد مر من أخبارهم القبيحة نبذة كبيرة في عدة سنين‏.‏

وكان الحسن هذا صاحب الترجمة فصيحًا شاعرًا وكان يلقب بالأعصم وكان يلبس الثياب القصيرة وهو أحد من قتل العباد وأخرب البلاد‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي القرمطي كان ملك الشام وحاصر مصر شهرًا وركن الدولة الحسن بن بويه صاحب عراق العجم وكانت دولته خمسا وأربعين سنة ووزر له أبو الفضل بن العميد وتوفي أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكرياء بن حيويه النيسابوري بمصر وأبو الحسن محمد بن الحسن النيسابوري السراج المقرىء الزاهد‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏

السنة الثانية من ولاية العزيز نزار وهي سنة سبع وستين وثلاثمائة‏.‏

فيها دخل عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه بغداد وخرج منها ابن عمه عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه ثم تقاتلا فانتصر عز الدولة ثم قتل حسب ما سنذكره في هذه السنة‏.‏

وفيها زادت دجلة في نيسان حتى بلغت إحدى وعشرين ذراعًا فهدمت الدور والشوارع وهرب الناس في السفن وهيأ عضد الدولة الزبازب تحت داره والزبازب هي المراكب الخفيفة‏.‏

وفيها حج بالناس أبو عبد الله العلوي‏.‏

وفيها جاء الخبر بهلاك أبي يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي القرمطي صاحب هجر وأغلقت الأسواق له بالكوفة ثلاثة أيام وكان قد توزر لعضد الدولة‏.‏

وفيها توفي أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن أحمد النصربادي النيسابوري ونصرباد‏:‏ محلة من نيسابور‏.‏

وكل باد يأتي في اسم بلد من هؤلاء البلدان هو بالتفخيم حتى يصح معناه‏.‏

كان أبو القاسم حافظ خراسان وشيخها وإليه يرجع في علوم القوم والسير والتواريخ وكان صحب الشبلي وغيره من المشايخ‏.‏

مات بمكة حاجًا ودفن عند قبر الفضيل بن عياض‏.‏

وفيها توفي السلطان أبو منصور بختيار عز الدولة بن معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي‏.‏

ولي ملك العراق بعد أبيه وتزوج الخليفة الطائع لله عبد الكريم بابنته شاه زمان على صداق مائة ألف دينار‏.‏

وكان عز الدولة شجاعًا قويًا يمسك الثور العظيم بقرنيه فلا يتحرك‏.‏

وكان بينه وبين ابن عمه عضد الدولة منافسات وحروب على الملك وتقاتلا غير مرة آخرها في شوال قتل فيها عز الدولة المذكور في المعركة وحمل رأسه إلى عضد الدولة فوضع المنديل على وجهه وبكى‏.‏

وتملك عضد الدولة العراق بعده واستقل بالممالك‏.‏

وعاش عز الدولة ستًا وثلاثين سنة‏.‏

وفيها توفي محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر أبو طاهر الذهلي البغدادي القاضي نزيل مصر وقاضيها‏.‏

ولد ببغداد في ذي الحجة سنة تسع وسبعين ومائتين‏.‏

وفيها توفي الوزير أبو طاهر محمد بن محمد بن بقية وزير عز الدولة وكان عضد الدولة قد بعث إليه يميله عن عز الدولة فقال‏:‏ الخيانة والغدر ليستا من أخلاق الرجال‏.‏

فلما قتل عز الدولة قبض عليه عضد الدولة وشهره في بغداد من الجانبين وعلى رأسه برنس ثم أمر به أن يطرح تحت أرجل الفيلة فقتلته الفيلة ثم صلب في طرف الجسر من الجانب الشرقي ولم يشفع فيه الخليفة الطائع لأمر كان في نفسه منه أيام مخدومه عز الدولة وأقيم عليه الحرس‏.‏

فاجتاز به أبو الحسن محمد بن عمر الأنباري الصوفي الواعظ وكان صديقًا لابن بقية المذكور فرثاه بمرثيته المشهورة وهي‏:‏ علو في الحياة وفي الممات لحق أنت إحدى المعجزات كأن الناس حولك حين قاموا وفود نداك أيام الصلات كأنك قائم فيهم خطيبًا وكلهم قيام للصلاة مددت يديك نحوهم احتفاء كمدهما إليهم بالهبات وتشعل عندك النيران ليلًا كذلك كنت أيام الحياة ركبت مطية من قبل زيد علاها في السنين الماضيات ولم أر قبل جذعك قط جذعًا تمكن من عتاق المكرمات وتلك فضيلة فيها تأس تباعد عنك تعيير العداة أسأت إلى النوائب فاستثارت فأنت قتيل ثأر النائبات وصير دهرك الإحسان فيه إلينا من عظيم السيئات وكنت لمعشر سعدًا فلما مضيت تفرقوا بالمنحسات غليل باطن لك في فؤادي يخفف بالدموع الجاريات ولو أني قدرت على قيام لفرضك والحقوق الواجبات ملأت الأرض من نظم القوافي ونحت بها خلاف النائحات ولكني أصبر عنك نفسي مخافة أن أعد من الجناة وما لك تربة فأقول تسقى لأنك نصب هطل الهاطلات ولما ضاق بطن الأرض عن أن يضم علاك من بعد الممات أصاروا الجو قبرك واستنابوا عن الأكفان ثوب السافيات عليك تحية الرحمن تترى برحمات غواد رائحات قلت‏:‏ ولم أذكر هذه المرثية بتمامها هنا إلا لغرابتها وحسن نظمها‏.‏

واستمر ابن بقية مصلوبًا إلى أن توفي عضد الدولة‏.‏

وفيها توفي الأمير الغضنفر بن ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل وابن صاحبها‏.‏

النصربادي الواعظ العارف وعز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه ملك العراق قتل في مصاف بينه وبين ابن عمه عضد الدولة والغضنفر بن ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل وابن صاحبها وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي بمصر في ذي القعدة وله ثمان وثمانون سنة وأبو بكر محمد بن عمر القرطبي ابن القوطية اللغوي والوزير أبو طاهر محمد بن محمد بن بقية نصير الدولة وزير عز الدولة صلبه عضد الدولة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وثلاث وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏

السنة الثالثة من ولاية العزيز نزار وهي سنة ثمان وستين وثلاثمائة‏.‏

فيها أمر الخليفة الطائع أن تضرب على باب عضد الدولة الدبادب أعني الطبلخانات في وقت الصبح والمغرب والعشاء وأن يخطب له على منابر الحضرة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا أول ملك دقت الطبلخانة على بابه وصار ذلك عادة من يومئذ‏.‏

وقال الحافظ أبو الفرج بن الجوزي‏:‏ وهذان أمران لم يكونا من قبله ولا أطلقا لولاة العهود ولا خطب بحضرة السلطان إلا له ولا ضربت الدبادب إلا على بابه‏.‏

وقد كان معز الدولة أحب أن تضرب له الدبادب بمدينة السلام فسأل الخليفة المطيع لله في ذلك فلم يأذن له‏.‏

قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي‏:‏ وما ذاك إلا لضعف أمر الخلافة‏.‏

انتهى‏.‏

وفيها توفي أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك الحافظ أبو بكر القطيعي البغدادي كان يسكن قطيعة الرقيق‏.‏

ومولده في أوائل سنة أربع وسبعين ومائتين‏.‏

وكان مسند العراق في زمانه وسمع الكثير وروى عنه الدارقطني وابن شاهين والحاكم وخلق سواهم‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الحافظ أبو القاسم الجرجاني الآبندوني وآبندون‏:‏ قرية من قرى جرجان‏.‏

كان رفيق ابن عدي في الرحلة سكن بغداد وحدث بها عن جماعة وروى عنه رفيقه الإمام أبو بكر الإسماعيلي وغيره‏.‏

وفيها توفي محمد بن عيسى بن عمرويه الشيخ أبو أحمد الجلودي الزاهد راوي صحيح مسلم سمع الكثير وروى عنه غير واحد‏.‏

قال الحاكم‏:‏ كان من أعيان الفقراء الزهاد وأصحاب المعاملات في التصوف ضاعت سماعاته من ابن سفيان فنسخ البعض من نسخة لم يكن له فيما سماع‏.‏

وفيها توفي هفتكين الأمير أبو منصور التركي الشرابي‏.‏

هرب من بغداد خوفًا من عضد الدولة ووقع له أمور مع العزيز هذا صاحب الترجمة بمصر ثم أطلقه العزيز‏.‏

وصار له موكب فخافه الوزير يعقوب بن يوسف بن كلس فدس عليه من سقاه السم‏.‏

وكان إليه المنتهى في الشجاعة‏.‏

وفيها توفي تميم بن المعز معد العبيدي الفاطمي أخو العزيز هذا صاحب مصر‏.‏

وكان تميم أميز أولاد المعز وكان فاضلًا جوادًا سمحًا يقول الشعر‏.‏

وشق موته على أخيه العزيز‏.‏

وفيها توفي الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو سعيد السيرافي النحوي القاضي‏.‏

كان أبوه مجوسيًا واسمه بهزاد فأسلم فسمي عبد الله‏.‏

سكن الحسن بغداد وولي القضاء بها وكان مفتنًا في علوم القراءات والنحو واللغة والفقه والفرائض والكلام والشعر والعروض والقوافي والحساب وسائر العلوم وشرح كتاب سيبويه مع الزهد والورع‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن ورقاء أبو أحمد الشيباني كان من أهل البيوتات وأسرته من أهل الثغور مات في ذي الحجة‏.‏

وفيها توفي محمد بن محمد بن يعقوب النيسابوري من ولد الحجاج بن الجراح سمع الكثير وكان عابدًا صالحًا حافظًا ثقة صدوقًا‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي في ذي الحجة عن خمس وتسعين سنة وأبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي في رجب وله أربع وثمانون سنة وأبو القاسم عبد الله بن إبراهيم الجرجاني الآبندوني الحافظ الزاهد ببغداد وله خمس وتسعون سنة وعيسى بن حامد الرخجي القاضي وأبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي في ذي الحجة وله ثمانون سنة وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي الحافظ المفيد الصالح في ذي الحجة بنيسابور عن ثلاث وثمانين سنة وهفتكين التركي الذي هرب خوفًا من عضد الدولة وتملك دمشق وحارب المصريين مرات‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وخمس عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وإصبع واحدة‏.‏

السنة الرابعة من ولاية العزيز نزار وهي سنة تسع وستين وثلاثمائة‏.‏

فيها تزوج الخليفة الطائع ببنت عضد الدولة وقد مر ذلك ولكن الأصح في هذه السنة‏.‏

وعقد العقد بحضرة الخليفة الطائع على صداق مبلغه مائتا ألف دينار‏.‏

وكان الوكيل عن عضد الدولة في العقد أبا علي الحسن بن أحمد الفارسي النحوي والخطيب أبو علي المحسن بن علي القاضي التنوخي وكيلًا عن الخليفة‏.‏

وفيها توفي فارس بن زكرياء والد ابن فارس أبي الحسين اللغوي صاحب كتاب المجمل في اللغة‏.‏

وكان عالمًا بفنون العلوم وروى عنه الأئمة ومات ببغداد‏.‏

وفيها توفي أحمد بن عطاء بن أحمد بن محمد بن عطاء أبو عبد الله الروذباري ابن أخت أبي علي الروذباري‏.‏

كان شيخ الشام في وقته وكان ممن جمع بين علم الشريعة والحقيقة ومات بقرية بين عكا وصور يقال لها منواث‏.‏

وفيها توفي الحسين بن علي أبو عبد الله البصري ويعرف بالجعل سكن بغداد‏.‏

وكان من شيوخ المعتزلة وصنف على مذاهب المعتزلة ومات يوم الجمعة ثاني ذي الحجة‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد الراسبي كان بغدادي الأصل وكان من كبار المشايخ وأرباب المعاملات‏.‏

ومن كلامه قال‏:‏ خلق الله الأنبياء للمجالسة والعارفين للمواصلة والمؤمنين للمجاهدة‏.‏

ومن كلامه‏:‏ أعظم حجاب بينك وبين الحق اشتغالك بتدبير نفسك واعتمادك على عاجز مثلك في أسبابك‏.‏

وتوفي ببغداد‏.‏

وفيها توفي أبو تغلب الغضنفر بن ناصر الدولة الحسن بن حمدان التغلبي وقد تقدم ذكر وفاته والأصح أنه في هذه السنة‏.‏

كان ملك الموصل وديار ربيعة وقلاع ابن حمدان ووقع له حروب مع بني بويه وأقاربه بني حمدان إلى أن طرقه عضد الدولة وأخذ منه بلاده فانهزم إلى أخلاط ثم توجه نحو الديار المصرية وحارب أعوان العزيز صاحب مصر فقتل في المعركة وبعث برأسه إلى العزيز صاحب الترجمة‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الحافظ أبو محمد الأصبهاني أبو الحافظ صاحب التصانيف ولد سنة أربع وسبعين ومائتين وسمع في صغره من جده لأمه محمود بن الفرج الزاهد وغيره وهو صاحب تاريخ بلده والتاريخ على السنين وكتاب السنة وكتاب العظمة وغيرها‏.‏

وفيها توفي أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون العجلي الصعلوكي النيسابوري الفقيه الشافعي‏.‏

كان أديبًا لغويًا مفسرًا نحويًا شاعرًا صوفيًا‏.‏

ولد سنة ست وتسعين ومائتين ومات في ذي القعدة‏.‏

ومن شعره‏:‏ أنام على سهو وتبكي الحمائم وليس لها جرم ومني الجرائم كذبت وبيت الله لو كنت عاشقًا لما سبقتني بالبكاء الحمائم وفيها توفي محمد بن صالح بن علي بن يحيى بن عبد الله أبو الحسن القاضي القرشي الهاشمي ويعرف بابن أم شيبان سمع الكثير وتفقه على مذهب مالك رضي الله عنه وكان عاقلًا متميزًا كثير التصانيف‏.‏

ولم يل القضاء بمدينة السلام من بني هاشم غيره‏.‏

وفيها توفي محمد بن علي بن الحسن أبو بكر التنيسي‏.‏

سمع منه الدارقطني ورآه وحده فقال له‏:‏ يا أبا بكر ما في بلدك مسلم قال‏:‏ بلى ولكنهم اشتغلوا بالدنيا عن الآخرة‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو عبد الله بن عطاء الروذباري وعبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي في رجب وله خمس وتسعون سنة وأبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان أبو الشيخ في المحرم وله خمس وتسعون سنة وأبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي ذو الفنون في آخر السنة وله ثمانون سنة وقاضي العراق ابن أم شيبان أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي فجأة في جمادى الأولى عن ست وسبعين سنة وأبو بكر محمد بن علي بن الحسن المصري بن النقاش في شعبان وكان حافظًا وأبو عمرو محمد بن صالح ببخارى وأبو علي مخلد بن جعفر الباقرحي‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وخمس أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا سواء‏.‏

السنة الخامسة من ولاية العزيز نزار وهي سنة سبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها خرج عضد الدولة للقاء الصاحب إسماعيل بن عباد فقدم عليه ابن عباد من الري من عند أخيه مؤيد الدولة فبالغ عضد الدولة في إكرامه إلى الغاية لكونه وزير أخيه مؤيد الدولة وصاحب أمره ونهيه‏.‏

وتردد إليه عضد الدولة في إقامته ببغداد غير مرة إلى أن سافر إلى مخدومه مؤيد الدولة في شهر ربيع الآخر‏.‏

وفيها توجه عضد الدولة إلى همذان‏.‏

فلما عاد إلى بغداد خرج الخليفة لتلقيه ولم يكن ذلك بعادة أن الخليفة يلاقي أحدًا من الأمراء‏.‏

قلت‏:‏ وهذا كان أولًا وأما في الآخر فإن الطائع كان قد بقي تحت أوامر عضد الدولة كالأسير‏.‏

وفيها حج بالناس أبو الفتح أحمد بن عمر العلوي وخطب بمكة والمدينة للعزيز هذا صاحب مصر‏.‏

وفيها غرقت بغداد من الجانبين وأشرف أهلها على الهلاك ووقعت القنطرتان وغرم على بنائهما أموال كثيرة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن علي الإمام العلامة أبو بكر الرازي الحنفي العالم المشهور‏.‏

مولده في سنة خمس وثلاثمائة كان إمام الحنفية في زمانه وكان مشهورًا بالدين والورع والزهد‏.‏

قال أبو المظفر في تاريخه‏:‏ وحاله كان يزيد على حال الرهبان من كثرة التقشف وهو صاحب التصانيف وفيها توفي محمد بن جعفر بن الحسين بن محمد بن زكرياء الحافظ أبو بكر الوراق المعروف بغندر كان حافظًا متقنًا ورحل إلى البلاد وسمع الكثير وكتب ما لم يكتبه أحد وكان حافظًا ثقة‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو بكر أحمد بن علي الرازي عالم الحنفية في ذي الحجة وله خمس وستون سنة وبشر بن أحمد أبو سهل الأسفرايني في شوال عن نيف وتسعين سنة وأبو محمد الحسن بن أحمد السبيعي الحلبي الحافظ‏.‏

وأبو محمد الحسن بن رشيق بمصر في جمادى الآخرة وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي وأبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك في ذي القعدة وأبو منصور محمد بن أحمد الأزهري صاحب تهذيب اللغة في ربيع الآخر‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراع واحدة‏.‏

مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏

السنة السادسة من ولاية العزيز نزار وهي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها اتفق فخر الدولة وقابوس بن وشمكير على عداوة أخيه عضد الدولة في الباطن‏.‏

قلت‏:‏ وهذه أول فتنة بدت بين الإخوة أولاد ركن الدولة الثلاثة عضد الدولة وفخر الدولة ومؤيد الدولة‏.‏

وفطن عضد الدولة لذلك ولم يظهره وجهز العساكر لأخيه مؤيد الدولة لقتال قابوس المذكور فتوجه إليه مؤيد الدولة وحصره وأخذ بلاده ولم ينفعه فخر الدولة‏.‏

وكان لقابوس من البلاد طبرستان وغيرها‏.‏

وفيها حج بالناس أبو عبد الله العلوي من العراق‏.‏

وفيها توفي أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الحافظ أبو بكر الجرجاني كان إمامًا طاف البلاد ولقي الشيوخ وسمع الكثير وصنف الكتب الحسان منها‏:‏ الصحيح صنفه على صحيح البخاري والفرائد والعوالي وغير ذلك ومات في شهر رجب‏.‏

وفيها توفي الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ أبو محمد السبيعي الكوفي‏.‏

كان حافظًا مكثرًا إلا أنه كان عسر الرواية وكان الدارقطني يجلس بين يديه جلوس الصبي بين يدي المعلم هيبة له ومات في ذي الحجة ببغداد‏.‏

وفيها توفي عبد العزيز بن الحارث بن أسد أبو الحسن التميمي الحنبلي كان فقيهًا فاضلًا وله تصانيف في أصول الكلام وفي مذهبه والفرائض وغير ذلك‏.‏

وفيها توفي علي بن إبراهيم أبو الحسن الحصري البصري الصوفي الواعظ‏.‏

سكن بغداد وصحب الشبلي وغيره وكان صاحب خلوات ومجاهدات وله كلام حسن في التوفيق‏.‏

وفيها توفي محمد بن أحمد بن طالب الأخباري رحل وسمع الكثير وكان فاضلًا محدثًا أخباريًا‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني في رجب وله أربع وتسعون سنة وأبو العباس الحسن بن سعيد العباداني المطوعي المقرىء وله مائة وسنتان وأبو محمد عبد الله بن إسحاق القيرواني شيخ المالكية وأبو زيد محمد بن أحمد المروزي الفقيه في رجب وأبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي شيخ الصوفية بفارس‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وسبع عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وإصبعان‏.‏

السنة السابعة من ولاية العزيز نزار وهي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها وثب أبو الفرج محمد بن عمران بن شاهين على أخيه أبي محمد الحسن بن عمران صاحب البطيحة فقتله واستولى على بلده‏.‏

وفيها حج بالناس أبو الفتح أحمد بن عمر العلوي وقيل‏:‏ إنه لم يحج أحد من العراق من هذه السنة إلى سنة ثمانين بسبب الفتن والخلف بين خلفاء بني العباس وبين خلفاء مصر بني عبيد‏.‏

وفيها أنشأ عضد الدولة بيمارستانه ببغداد في الجانب الغربي ورتب فيه الأطباء والوكلاء والخزان وكل ما يحتاج إليه‏.‏

قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي‏:‏ وفي هذا الزمان كانت البدع والأهواء فاشية ببغداد ومصر من الرفض والاعتزال والضلال فإنا لله وإنا إليه راجعون‏!‏‏.‏

قلت‏:‏ ومعنى قول الذهبي‏:‏ ومضر فإنه معلوم من كون خلفاء بني عبيد كانوا يظهرون الرفض وسب الصحابة وكذلك جميع أعوانهم وعمالهم‏.‏

وأما قوله‏:‏ ببغداد فإنه كان بسبب عضد الدولة الآتي ذكره فإنه كان أيضًا يتشيع ويكرم جانب الرافضة‏.‏

وفيها توفي السلطان عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو وقيل بويه على اسم جده وفناخسرو أشهر ابن السلطان ركن الدولة الحسن بن بويه بن فناخسرو الديلمي‏.‏

ولي مملكة فارس بعد عمه عماد الدولة ثم قوي على ابن عمه عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه وأخذ منه العراق وبغداد‏.‏

وقد تقدم من ذلك نبذة يسيرة في حوادث بعض السنين‏.‏

وبلغ سلطانه من سعة المملكة والاستيلاء على الممالك ما لم يبلغه أحد من بني بويه ودانت له البلاد والعباد‏.‏

وهو أول من خوطب بالملك شاهنشاه في الإسلام وأول من خطب له على منابر بغداد بعد الخلفاء وأول من ضربت الدبادب على باب داره‏.‏

وكان فاضلًا نحويًا وله مشاركة في فنون كثيرة وله صنف أبو علي الفارسي الإيضاح‏.‏

قال أبو علي الفارسي‏:‏ منذ تلقب شاهنشاه تضعضع أمره وما كفاه ذلك حتى مدح نفسه فقال‏:‏ عضد الدولة وابن ركنها ملك الأملاك غلاب القدر ولما أحس بالموت تمثل بشعر القاسم بن عبد الله الوزير وهو قوله‏:‏ قتلت صناديد الرجال فلم أدع عدوًا ولم أمهل على ظنة خلقا وأخليت دور الملك من كل نازل وبددتهم غربًا وشردتهم شرقا ثم جعل يبكي ويقول‏:‏ ما أغنى عني ماليه‏!‏ هلك عني سلطانيه‏!‏ وصار يرددها إلى أن مات في شوال ببغداد وله سبع وأربعون سنة‏.‏

وتولى الملك من بعده ابنه صمصام الدولة ولم يجلس للعزاء إلا في أول السنة‏.‏

أظن أنهم كانوا أخفوا موت عضد الدولة لأمر أو أنه اشتغل بملك جديد حتى فرغ منه‏.‏

وفيها توفي محمد بن جعفر بن أحمد أبو بكر الحريري المعدل البغدادي وكان يعرف بزوج الحرة وكان جليل القدر من الثقات‏.‏

مات ببغداد ودفن عند قبر معروف الكرخي‏.‏

رحمة الله عليهما‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وسبع عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏

السنة الثامنة من ولاية العزيز نزار وهي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها في ثاني عشر المحرم أظهرت وفاة عضد الدولة وحمل تابوته إلى المشهد وجلس ابنه صمصام الدولة للعزاء وجاءه الخليفة الطائع معزيًا ولطم عليه الناس في دوره وفي الأسواق أيامًا عديدة‏.‏

ثم ركب صمصام الدولة إلى دار الخلافة وخلع عليه الخليفة الطائع عبد الكريم سبع خلع وعقد له لواءين ولقب شمس الدولة‏.‏

وفيها بعد مدة يسيرة ورد الخبر على صمصام الدولة المذكور بموت عمه مؤيد الدولة أبي منصور بن ركن الدولة بجرجان فجلس صمصام الدولة أيضًا للتعزية وجاءه الخليفة الطائع مرة ثانية معزيًا في عمه مؤيد الدولة المذكور‏.‏

ولما مات مؤيد الدولة كتب وزيره الصاحب إسماعيل بن عباد إلى أخيه فخر الدولة علي بن ركن الدولة بالإسراع إليه وضبط ممالك أخيه مؤيد الدولة فقدم فخر الدولة إليه وملك بلاد أخيه واستوزر الصاحب بن عباد المذكور‏.‏

وعظم ابن عباد في أيام فخر الدولة إلى الغاية‏.‏

وفيها كان الغلاء المفرط بالعراق وبلغ الكر القمح أربعة آلاف وثمانمائة درهم ومات خلق كثير على الطريق جوعًا وعظم الخطب‏.‏

وفيها ولى العزيز نزار صاحب الترجمة خطلخ القائد إمرة دمشق‏.‏

وفيها توفي السلطان مؤيد الدولة أبو منصور بويه ابن السلطان ركن الدولة حسن بن بويه المقدم ذكره‏.‏

مات بجرجان وله ثلاث وأربعون سنة وشهر‏.‏

وكانت مدة إمرته سبع سنين وشهرًا‏.‏

وكان قد تزوج ببنت عمه معز الدولة فأنفق في عرسها سبعمائة ألف دينار‏.‏

وكان موته في ثالث عشر شعبان فيكون بعد موت أخيه عضد الدولة بنحو عشرة أشهر‏.‏

وصفا الوقت لأخيهما فخر الدولة‏.‏

وفيها توفي سعيد بن سلام أبو عثمان المغربي‏.‏

مولده بقرية يقال لها كركنت كان أوحد عصره في الزهد والورع والعزلة‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عثمان بن المختار أبو محمد المزني الواسطي الحافظ كان ثقة مات بواسط‏.‏

ومن كلامه قال‏:‏ الذين وقع عليهم اسم الخلافة ثلاثة‏:‏ آدم وداود عليهما السلام وأبو بكر الصديق رضي الله عنه‏.‏

قال الله تعالى في حق آدم‏:‏ ‏"‏ إني جاعل في الأرض خليفة ‏"‏ وقال في حق داود‏:‏ ‏"‏ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ‏"‏ وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاثين ألف مسلم كلهم يقول لأبي بكر‏:‏ يا خليفة رسول الله‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وإصبعان‏.‏

السنة التاسعة من ولاية العزيز نزار وهي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة‏.‏

فيها دخلت القرامطة البصرة لما علموا بموت عضد الدولة ولم يكن لهم قوة على حصارها فجمع لهم مال فأخذوه وانصرفوا‏.‏

وفيها وقع الصلح بين صمصام الدولة وبين عمه فخر الدولة بمكاتبة أبي عبد الله بن سعدان إلى الصاحب بن عباد‏.‏

فكان ابن سعدان يخاطب الصاحب بن عباد بالصاحب الجليل وفيها ملكت الأكراد ديار بكر بن ربيعة‏.‏

وسببه أنه كان بجبال حيزان رجل كردي يقطع الطريق يقال له أبو عبد الله الحسين بن دوستك ولقبه باد واجتمع عليه خلق كثير وجرت له مع بني حمدان حروب إلى أن قتل‏.‏

فلما قتل باد المذكور كان له صهر يقال له مروان بن كسرى وكان له أولاد ثلاثة وكانوا من قرية يقال لها كرماس بين إسعرذ والمعدن وكانوا رؤساءها‏.‏

فلما خرج باد خرج معه أولاد مروان المذكور وهم‏:‏ الحسن وسعيد وأحمد وأخ آخر‏.‏

فلما قتل باد انضم عسكره على ابن أخته الحسن واستفحل أمره وتقاتل مع من بقي من بني حمدان فهزمهم‏.‏

ثم مات عضد الدولة بن بويه فصفا له الوقت وملك ديار بكر وميافارقين وأحسن السيرة في الناس فأحبته الرعية ثم افتتح بعد ذلك عدة حصون يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في محلها‏.‏

وفيها توفي عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الخطيب الفارقي صاحب الخطب والذي من ذريته الشيخ جمال الدين محمد بن نباتة الشاعر المتأخر الآتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

وكان مولده بميافارقين في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة‏.‏

وكان بارعًا في الأدب وكان يحفظ نهج البلاغة وعامة خطبه بألفاظها ومعانيها ومات بميافارقين عن تسع وثلاثين سنة‏.‏

ولولده أبي طاهر محمد خطب أيضًا‏.‏

وفيها توفي محمد بن محمد بن مكي أبو أحمد القاضي الجرجاني رحل في طلب الحديث ولقي مضى زمن وكان الناس فيه كرامًا لا يخالطهم خسيس فقد دفع الكرام إلى زمان أخس رجالهم فيه رئيس تعطلت المكارم يا خليلي وصار الناس ليس لهم نفوس أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏